الماء, السائل العجيب - الجزء الثاني


الماء, السائل العجيب - الجزء الثاني


التوتر السطحي هي خاصية ينفرد بها الماء عن غيره من السوائل, والسبب ان الجزيئات تكون متماسكة مع بضعها البعض بقوة, والسر في ذلك ان الماء مكون من هيدروجين واوكسجين وان ذرة الهيدروجين مرتبطة بقوة بذرة الاوكسجين ويتبادلون الالكترونات مع بعضهما البعض, والامر الاخر ان الهيدروجين في جهة والاوكسجين في جهة اخرى, خلق ما يسمى المجال المغناطيسي واصبحت ذرة مكهربة وتوجد ناحية ايجابية واخرى سلبية, ونتيجة هذه العوامل تكون جزئيات الماء متماسكة ببعضها البعض بقوة, ولها قدرة على التسلق ايضاً, ولانه يتسلق جدران الانابيب وهذا سر الخاصية الشعرية التي تصعد الماء فيها عكس الجاذبية.

خاصية اخرى عجيبة للماء, ان له قدرة عجيبة على تخزين الحرارة وتتصرف ببطء, مثلا الحديد يسخن بسرعة وتبرد بسرعة, اما الماء يسخن ببطء شديد وبعد ذلك تخزن الحرارة وتصرفها ببطء شديد, وهذا مهم جدا في توزيع الطقس والتغيرات الحرارية في الجو.
الماء تمشي في دورة, الشمس تسخّن البحار والمحيطات وتبخرها ويصعد البخار لطبقات الجو العليا على شكل سحب, والسحب تبرد مع درجات الحرارة المنخفضة في الاعلى, وبالتالي تنزل على شكل امطار, وتملئ الأنهار مياه عذبة وتصب في البحار, وترجع نفس الدورة من جديد, وهكذا دورة مستمرة من البحر الى النهر ثم الى البحر, العجيب في الامر ان الطاقة المستخدمة في هذه العملية في اليوم الواحد اكثر مما ينتجه وما انتجه الانسان في تاريخه كله, وهي الطاقة التي تستهلك الماء في عملية التحول من سائل الى بخار يصعد في الجو ويرجع ويتحول الى سائل مرة اخرى وينزل في الانهار ثم الى البحر.
خاصية اخرى عجيبة, الثبات, ونعني بالثبات ان هذه الدورة ثابتة منذ حوالي 3000 مليون سنة والماء على هذه الحالة, لم يزد او ينقص ابداً, ثابتة الحجم ولاشيء يفقد او يستحدث, وذلك يعني ان الماء الذي تشربه اليوم هو نفس الماء الذي كان يشربه الانسان البدائي في بداية التاريخ!, وهو نفس الماء الذي شربه سقراط وكليوبترا وخوفو, هي نفسها كمية الماء تتحرك في دورة يومية منذ بداية الأرض, والمياه هي التي شكلت الشواطئ والشلالات والتي حفرت البحار والسيول والانهار, وهي مصدر من مصادر الطاقة الهامة مثل مساقط توليد الكهرباء والسدود.
إذن المياه سائل عجيب جدا إن لم يكن الأعجب على الاطلاق وهو مألوف للجميع ونستخدمه جميعنا بشكل يومي, بالإضافة الى الخواص العجيبة التي ذكرناها, لذلك عندما تنظر لكأس الماء فهي مجموعة اسرار عجيبة, ولذلك نجد أن القرأن ذكر المياه في 64 أية, "وأنزلنا من السماء ماءاً بقدر","وجعلنا من الماء كل شيء حي","خلق كل دابة من ماء", "أفرأيت الماء الذي تشربون", فهي نعمة خطيرة وهامة جدا, وفي آية جميلة اخرى:"وكان عرشه على الماء", غريب ان يذكر الماء مقترن بعرش الله, فهذا لفت نظر لعظمة واهمية هذا الشيء المألون المسمّى بالماء, شيء مدهش ومذهل.


المشاركات الشائعة