واقعنا العربي والتكيف معه!


واقعنا العربي والتكيف معه!



إستوقفني قول الله سبحانه في القرأن الكريم:"وإن يسلبكم الذباب لا تستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب", اي لو أن الذباب سرق منا شيئاً لن نستطيع ان نرجعه ابدا, وهذا فعلا ما اثبته العلم حديثاً, والسبب ان في اللحظة التي تضع الذبابة خرطومها على اي نوع من الطعام, تفرز الذبابة اللعاب عليه فيتم هضمه ومصّه, وبمجرد ان تضع خرطومها عليه يتغير فوراً, ويكون شيء اخر, وبالتالي يستحيل فعلا استعادته, وهنا معنى عميق في الاية الكريمة, وقد ذكرنا في مقال سابق عن اقوى الكائنات في المملكة الحيوانات القادرة على التكيف في البيئة المحيطة بها رغم تغير الظروف وتقلبها, واليوم سنذكر اقوى في الممالك الاخرى, في النباتات البكتيريا التي تعيش بلا هواء, والصبار الذي يعيش مدة طويلة جدا بدون الحاجة لماء, والنباتات المفترسة التي تعيش على اصطياد الحشرات.
نحن كعرب ماهو اهم سلاح لضمان بقاءنا على هذا الكوكب؟, الحقيقة اول واهم العناصر المطلوبة هي الوحدة, وهي تجميع العرب كوحدة واحدة, وثاني امر بناء القوة الذاتية, والأخذ بأسباب العلم, للأسف نحن لا نأخذ من العالم المتقدم الغربي الّا اسباب الانحلال, الديسكو والغناء والعري, مع اننا متصورين ان هذه هي اوروبا وامريكا على حقيقتها, ولكن

الواقع مغاير لذلك تماماً, فهذه تعتبر فضلات الحضارة الاوروبية الحديثة, وجزء صغير جدا من صورة الحضارة لهذه الدول المتقدمة, نحن كعرب نغض النظر عن اكاديميات البحث العلمي والمعامل والمختبرات والمكتبات الغربية, روح الحضارة الحالية هو العلم, حاجة اخرى مهمة جدا, وهي ان نكون على مستوى قوي من المكر والتخفي كما هو موجود في هذا العصر.
النبي عليه الصلاة والسلام بعد معركة احد, قام بعقد صلح الحديبية وقدم تنازلات كثيرة للمشركين لدرجة ان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:"لما نرضى الدنية في ديننا", وعندها رد عليه ابو بكر رضي الله عنه وقال له:"الزم غررزك ياعمر, إنه رسول الله", النبي عليه الصلاة والسلام كان ملهما في شروط هذا الصلح, وبفضل هذه السياسة والمرونة اعطى لنفسه هدنة طويلة وتفرغ فيها لإصلاح المدينة والاهتمام بشؤونها اكثر, وبنفس الوقت بلغت قوته العسكرية قوة كبيرة لا يستهان بها فتح بها المدينة فيما بعد, واعطى لخصومه الضربة القاضية, وهذا هو التعامل الصحيح مع الواقع, والسياسة الفعلية والصحيحة هي التعامل مع الواقع كما هو, اذا كان عصرك هو عصر المكر والخبث فلابد ان تكون ماكر ايضاً, لتتعايش مع الواقع وتثبت قدمك فيه, والله سبحانه يعطينا دروس كثيرة عن طريق الايات المذكورة في القرأن الكريم, والكون كله ايات دالة على عظمته ومليئ بالايات البصرية التي نراها رؤية العين, فلابد ان نتذكر تاريخنا ونستفيد منه, والذي لا يريد ان يتذكر تاريخه, فلينظر لعالم الحيوانات ويحاول التعلم منها, ولينظر لخلية النحل كيف ان النحلة العاملة تتصرف طول حياتها لخدمة الخلية وافرادها, ويرى المجتمع المتماسك والمتفاني, وليرى السياسة الماكرة التي تعيش عن طريقها الحشرات في حياتها, وسنستطيع حينها مواجهة مشاكلنا بشكل افضل ومعرفة ابتكار الحلول لها بكل حكمة وتدبر.


المشاركات الشائعة